سريعًا ما تحوّلت الحرب التي بدأت مع الهجوم المجرم التي شنّته حركة حماس في السابع من تشرين الأول 2023 الى هجوم متواصِل، مُروّع وقاسٍ ضدّ السكّان المدنيّين في قطاع غزّة. تُظهِر حكومة إسرائيل، مِرارًا وتكرارًا، انّ أهداف الحرب المُعلنة - إرجاع المخطوفين وتفكيك حُكم حماس - ليست إلّا حجّة لِمحو الوجود الفلسطينيّ من قطاع غزّة أو على الأقلّ تدمير جزء كبير منه، وذلك مِن خلال القضاء على البنى التحتيّة والمؤسسات الطبيّة والتعليميّة، والثقافيّة، والدينيّة، وإلحاق الأذى بالصحافة والإعلام، حيث اتّبعت الحكومة الإسرائيلية سياسات التنكيل التعسّفي والتشريد والترحيل المتكرّر، والتجويع وقتل الآلاف مِن الغزيّين، مُعظمهم من النساء والأطفال. كمنظّمة تضمّ أكثر من 900 أكاديميّ من مواطني إسرائيل، سارَعنا لِندقّ ناقوس الخطر بِشأن جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل والأثمان الباهظة التي تتكبّدها، بِما في ذلك تدمير نظام التعليم العالي في غزّة. في ظلّ اتّساع اجتياح إسرائيل الإجرامي للبنان وتكثيف الهجوم في قطاع غزّة والضفة الغربيّة، نُكرِّر إلتزامنا بِرفع صوتنا الآن.
من الواضح انّ الهجوم الحاليّ على شمال قطاع غزّة، والذي شُنَّ بالخامس من تشرين الأول من العام الجاريّ، هو جريمة ضدّ الإنسانيّة هدفها إفراغ المنطقة من سكّانِها الفلسطينيّين. في هذه اللحظات، يرتكب الجيش الإسرائيلي، بأوامر من الحكومة الإسرائيليّة، جرائِم خطيرة وغير مسبوقة ضد المدنيّين. سواء قُمنا بِتصنيف هذه الجرائم كتطهير عرقي، إبادة، أو إبادة جماعيّة، واجبنا وواجب كلّ مواطن ومواطنة في إسرائيل أن يفعلوا كلّ ما بوسعهم لإيقافها. بالإضافة لِجميع الضحايا المباشرة، تجلب هذه الجرائم كارثة على الشعبين وعلى المنطقة برمّتها. أغلبنا يقطُن في إسرائيل ويتكلّم العبريّة، ونحنُ نرى كيف تُشغّل الحكومة، وسائل الإعلام الشعبيّة وأوساط كبيرة من المجتمع المدنيّ الآلة الدعائيّة لإنتاج تأييد المجتمع الإسرائيلي وكمّ أفواه المُعارضين والمحتجّين، بما فيهم النّاجين من السّابع من تشرين الأوّل وعائلات المخطوفين، عربًا ويهودًا. نحنُ على ثقة بأنّنا نعمَل بِما يتماشى مع مصلحة عائِلاتنا وأعزّائنا، وكلّ من يعيش بين النّهر والبحر. بِصفتنا جزء من المجتمع الأكاديميّ، فإننا نحثّ المُثقفين ومؤسّسات التعليم العالي والمنظّمات الأكاديميّة على الانضمام إلى هذه الدعوة. ندعو بِهذا أيضًا المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المُتحدة، التي تواصل بِتسليح ومساندة السياسات الإسرائيليّة، إلى تغيير مسارِها وبذل كل ما في وسعها لِوقف هذه الجرائم المروّعة.
Comments