باسم أكثر من 850 شخصية أكاديميّة عضوات وأعضاء في منظمة "أكاديميون من أجل المساواة"، نرغب وبشكلٍ طارئ رفع راية سوداء على أثر قرار إدارة الجامعة العبرية بإيقاف بروفيسور نادرة شلهوب- كيفوركيان عن التدريس بسبب تصريحاتها حول الحرب الحاليّة. إلى جانب العنف الشديد الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، تعمل أذرع أخرى للسلطة حالياً للقضاء على المجتمع المدني الناقد في إسرائيل، وكتم أصوات المثقفين والجمهور المعارض للحرب ولسياسات إسرائيل بشكلٍ عام، خاصة عندما يتعلّق الأمر بالفلسطينيين مواطني الدولة.
يتيح القانون وأنظمة الجامعات اتخاذ إجراءات ضد من يعبّر عن تأييده للإرهاب والعنصريّة. لكن القانون والأنظمة لا تُطبّق في الحالات التي لا تعد ولا تحصى من تحريض أعضاء هيئة التدريس والطلاب اليهود على الإبادة الجماعية في قطاع غزة والعنف ضد زملائهم على مقاعد الدراسة. بالمقابل، وبفعل ضغط منظماتٍ فاشيةٍ مقربة من الحكومة وكبار المسؤولين في الحكومة نفسها، بدأت منذ بداية الحرب إجراءات متتالية وعديمة الجدوى ضد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، الفلسطينيين واليهود، الذين عبروا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني وضد الفظائع التي ترتكب في قطاع غزة. ومن ضمن ذلك ، فإن الإجراء المتخذ ضد بروفيسور شلهوب- كيفوركيان يتعارض مع أنظمة الجامعة التي لا تمنح الرئيس أو العميد سلطة إيقاف محاضر عن العمل بناءً على تصريحاته، ويتعارض كذلك مع القانون الذي لا يحظر تصريحات كاللتي تم اتخاذ الإجراء بسببها.
لقد استمعنا باهتمامٍ بالغٍ إلى تصريحات بروفيسور شلهوب -كيفوركيان، بما في ذلك المقابلة التي أجرتها مع المدونة الصوتية (بودكاست) والتي يُزعم أنها سبب الإيقاف عن العمل. حتى لو لم نتفق بالضرورة مع كل مواقفها وتصريحاتها، فلا صحة لأيّ واحدٍ من الادعاءات الموجهة ضدها، والتي تبدو كتكرار مُجترٍ لدعوات منظمات فاشية للجامعة وأعضاء الكنيست، كما نشرت وسائل الإعلام. إن أقوال بروفيسور شلهوب -كيفوركيان لا تحتوي على وجه الخصوص على أيّ تلميح للتحريض أو التهديد أو دعم الإرهاب أو العنصرية، أو إنكار مذبحة 7 أكتوبر. إنما تقدم وجهة نظرٍ نقدية بشأن سلوك إسرائيل في الحرب الحالية. لذلك، فإن الهجوم على بروفيسور شلهوب- كيفوركيان ينسجم تماماً مع الصورة العامة - فقد أصبحت إدارات مؤسسات التعليم العالي أداةً في أيدي حكومة اليمين المتطرف التي تسعى إلى ترهيب الأقليّة الفلسطينيّة في الدولة و إسكات أي انتقاد – بما في ذلك ما يتماشى مع الرؤية ثنائية القومية لمؤسسيّ الجامعة العبرية، يهودا ماغنيس ومارتن بوبر.
نحن، المجتمع الأكاديميّ بأكمله، نحذر: إذا تم السكوت عن الظلم الذي تتعرّض له بروفيسور شلهوب -كيفوركيان فلن يكون أي منا آمنًا أو آمنة. حرية التعبير والبحث العلمي هما شريان حياة الحقل الأكاديميّ، وبدونهما ليس له وجود. إذا لم تتراجع إدارة الجامعة العبرية عن هذا القرار المُشين، فسوف تفتح الأبواب أمام موجة قمع لن تستثني حتى أولئك الذين يعتقدون أن ولاءهم للدولة منذ بداية الحرب سوف تمحي "إثم" مشاركتهم في موجات الاحتجاج التي سبقت الحرب من أذهان قادة النظام. فالعنوان مكتوب على الجدار.
Comments